التواصل مع الطبيعة من المنازل... خلال وبعد كوفيد-19

Mon, 07/06/2020 - 09:43

notice nature

 

بقلم: سعادة الدكتورة شيخة سالم الظاهري, الأمين العام لهيئة البيئة – أبوظبي

مذ أن نشأت دولة الإمارات العربية المتحدة  وفي ظل قيادتنا المباركة الرشيدة، لطالما كانت سباقة في استشراف المستقبل ووضع الخطط الطموحة واتخاذ الإجراءات الاحترازية في  مجالات عدة لا سيما في ما يتعلق بأمن وسلامة المجتمع بكافة أطيافه؛ فما بالنا بحماية أجيال الغد ورواد المستقبل!

لذلك جاءت قرارات الدولة سريعة في التحول إلى التعليم عن بعد، وتسخير كافة الطاقات والإمكانات اللازمة لتسهيل مهمة المعلمين والمعلمات والطلاب وأولياء الأمور بما يضمن سلامة الجميع في ظل تفشي وباء كوفيد 19 في مختلف أنحاء العالم. وفي هذا الصدد لا يسعني إلا أن أتقدم بجزيل الشكر لجميع العاملين في منظومة التعليم على جهودهم الجبارة المبذولة لضمان استمرارية  أحد أهم شرايين الحياة في الدولة وهو التعليم. ولا ننسى أبناءنا الطلاب وأولياء الأمور الذين كان لتعاونهم وتفهمهم أكبر الأثر في إنجاح هذا التحول لنثبت للعالم أجمع بأننا معاً نستطيع وسوف نعبر جميعاً هذه  الأزمة  بنجاح.

ويبدو للمتأمل للأزمة الحالية أنها لم تؤثر على حاضرنا ويومنا فحسب، بل ستغير شكل المستقبل وتوجهاته وأولوياته، ليفرض علينا واقعاً جديداً سيكون هو "الاعتيادي" بالنسبة للبشر، فمثلاً؛ لن تبقى المناهج الدراسية هي المصدر الوحيد للتعلم، وإنما على الطلاب أن يتوجهوا إلى تعلم مهارات حياتية عملية هامة خارج المباني المدرسية والفصول المغلقة مثل المرونة والقدرة على التكيف والاستدامة.

ولأن البيئة هي أفضل معلم منذ القدم، فقد كانت حكومة أبوظبي سباقة في مجال التعليم البيئي ودمج البيئة في المناهج التعليمية وحث الطلاب على تنفيذ برامج ومبادرات لا صفية، والتواصل المباشر مع الطبيعة، وهو الأمر الذي سيكون له عظيم الأثر على مستقبل الأجيال، متطلعين أن يكملوا مسيرة هذا الوطن نحو الاستدامة البيئية.

إن التعليم من خلال التواصل مع الطبيعة يعمل على غرس حب الطبيعة والاهتمام بها في عقول وقلوب الشباب ليصبحوا سفراء البيئة لدولة الإمارات، حيث يعتمد مستقبلنا جميعاً على فهمهم وتقديرهم للبيئة وإيجاد التوازن الصحيح بين الطبيعة والبشر.

 ونحن في هيئة البيئة - أبوظبي مدركين لهذه الحقيقة وقدمنا بالتعاون مع شركائنا في جمعية الإمارات للطبيعة والصندوق الدولي للحفاظ على الحبارى برنامج "تواصل مع الطبيعة" الذي يساعد على تنشئة جيل من الشباب قادر على قيادة الاستدامة البيئية وتحقيقها في جميع جوانب الحياة، من خلال إشراكهم  في فعاليات وأنشطة يتم تنفيذها في الطبيعة.

والآن وضمن الإجراءات الاحترازية التي اتخذناها للحفاظ على سلامة مجتمعنا، فقد نجحنا وبسرعة كبيرة في تحويل العديد من الأنشطة والفعاليات إلى تجارب عبر الانترنت، حتى نتيح الفرصة للشباب أن يكونوا على تواصل دائم مع الطبيعة وَهُم في  منازلهم آمنين. وتتضمن هذه التجارب حلقات نقاشية ودروس للطهي تركز على تقليل الهدر أثناء إعداد الطعام وبعض الأنشطة البدنية في الهواء الطلق (عن بعد).

حالياً نمر نحن والعالم بأوقات عصيبة وأزمة عالمية، حيث ينصب اهتمامنا على حماية أنفسنا وعائلاتنا ومجتمعنا، وأثناء ذلك يمكننا أن نستلهم الدروس والعبر من الطبيعة، وننظر حولنا لنرى كم النعم التي أنعم علينا بها الخالق جل وعلا ونشكره عليها.  وأعظم صور الشكر تتمثل في المحافظة على تلك النعم التي تضمن استمرارية الحياة، فنحن أبناء زايد، لا تهزمنا الصعاب مهما اشتدت، ونستطيع بإذن الله معاً تخطي هذه الفترة الاستثنائية، وسنواصل ازدهارنا وتألقنا بإصرارنا وطموحنا الذي يعانق عنان السماء.

 

دمتم سالمين في حفظ ورعاية الرحمن وتحت قيادة حكومتنا الرشيدة.